التوازن المالي- رؤية 2030 نحو مستقبل آمن ومستدام للاقتصاد الوطني
المؤلف: خالد مرغلاني08.15.2025

لا ريب أن الفضاءات البيضاء في حياتنا تتسع وتتمدد بصورة جلية، تفوق بكثير رقعة المساحات السوداء القاتمة. وبلا شك، فإن نظرتنا الإيجابية إلى النصف الممتلئ من الكوب تفوق بكثير التركيز على الجزء الفارغ، وذلك في تقييمنا لقدراتنا وإمكاناتنا الكامنة. ومن الجلي الواضح أن المسافات التي تقودنا نحو التفاؤل والأمل أقصر بكثير من تلك التي تفصلنا عن التشاؤم والإحباط!
إن المخاوف الطارئة التي راودت الكثيرين أثناء تفحصهم لأرقام ميزانية عام 2017 لا تعكس بالضرورة الحقيقة الكاملة لما تنطوي عليه الميزانية من أسس راسخة للاستقرار والاطمئنان المستقبلي.
وحرصًا على الابتعاد عن العموميات والشعارات الجوفاء، دعونا نحاول استكشاف جانب آخر للميزانية من خلال عدسة برنامج التوازن المالي، الذي أعتبره أحد أهم ركائز برنامج التحول الوطني 2020. فهو يمثل السبيل المنطقي والضروري لتقليص العجز الهائل في ميزانية الدولة، في ظل التذبذب المستمر في أسعار النفط. وعلى الرغم من التفاؤل الحذر بتحسن الأسعار خلال السنوات المقبلة، إلا أنه لا يمكن لأحد أن يجزم بذلك بشكل قاطع. لذا، يهدف برنامج التوازن المالي إلى تحقيق ميزانية متوازنة، ورفع كفاءة الإنفاق الحكومي، وتنمية الإيرادات غير النفطية. ولا أظن أن أي مواطن عاقل يرفض هذه الأهداف النبيلة، أو يتمنى عدم تحقيقها، حتى لا يظل الوطن أسيرًا للإيراد الريعي المتقلب. فوطننا ليس مجرد مشروع استثماري يخضع لقوانين المكسب والخسارة، بل هو كيان عظيم قد يتهدد استقراره وازدهاره في أي لحظة بسبب الاختلالات الاقتصادية!
من هذا المنطلق، يبرز برنامج تحقيق التوازن المالي كركيزة أساسية لتحقيق رؤية 2030 الطموحة، وذلك للمساهمة الفعالة في تنويع الاقتصاد الوطني، وتقليص الاعتماد المفرط على النفط كمصدر رئيسي للدخل، وخفض الإنفاق العام بنسبة كبيرة تصل إلى 40%، وتعزيز الشراكة المثمرة مع القطاع الخاص، وتقليل الاعتماد على إيرادات النفط في ظل التقلبات السعرية العالمية.
وعليه، فإن برنامج التوازن المالي ليس موجهًا ضد مصالح المواطن، بل يسعى جاهدًا لتحسين الآثار الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تطمح رؤية 2030 إلى تحقيقها. كما يهدف إلى تعزيز استدامة الإيرادات الحكومية من خلال تنمية الإيرادات غير النفطية، وتحسين وترشيد الإنفاق الرأسمالي والتشغيلي، والتركيز على المشروعات الإستراتيجية ذات الأولوية القصوى من الناحيتين التنموية والاقتصادية. بالإضافة إلى إلغاء الإعانات غير الموجهة، وتمكين المواطنين من الاستهلاك بمسؤولية، واستدامة النمو الاقتصادي في القطاع الخاص. إنها خطط طموحة تهدف إلى تحصيل إيرادات إضافية بقيمة 152 مليار ريال بحلول عام 2020.
ومن زاوية أخرى، فقد أكدت وثيقة تحقيق التوازن المالي بشكل لافت، وربما ندر وجوده في معظم دول العالم في الوقت الراهن، حيث تعهدت الدولة -أعزها الله- بخمسة مبادئ أساسية ألزمت الحكومة نفسها بها خلال تحقيق برنامج التحول الوطني 2020. فقد أقرت بأنه لن يكون هناك أية إجراءات مالية إضافية تفرضها الحكومة على المواطنين أو القطاع الخاص. كما تعهدت الدولة بأنها لن تفرض ضريبة دخل على المواطنين ولا على المقيمين، ولن تكون هناك ضريبة على دخل الشركات. كما أكدت الوثيقة بأنه لن يكون هناك المزيد من الإعانات التي يتم إلغاؤها، ولن يتم اتخاذ أي قرارات ذات أثر رجعي.
وفي ذات السياق، تبنت الحكومة عدة إجراءات لزيادة الإيرادات من خلال تطبيق ضريبة القيمة المضافة، حيث ستفرض الضريبة بنسبة 5% اعتبارًا من عام 2018. وتطبيق ضريبة المنتجات الضارة بنسبة 50% على المشروبات الغازية، و100% على التبغ ومشتقاته ومشروبات الطاقة خلال الربع الثاني من عام 2017. وهنا، لا تفرض الحكومة الضرائب بهدف زيادة الإيرادات فحسب، بل يصاحب ذلك المحافظة على الصحة العامة للمواطنين. وفي هذا الإطار، تدرس الحكومة التوسع في تطبيق الضريبة لتشمل المشروبات والمأكولات السكرية التي تسهم في ارتفاع معدل انتشار أمراض السمنة والسكري في المملكة. كما أتمنى أن يتم تخصيص جزء من إيرادات القيمة المضافة على برنامج وطني صحي بهدف إنقاص معدلات نسب التدخين وأمراض السكري والسمنة.
ورغم أن الحكومة تتجه نحو إلغاء دعم الطاقة تدريجيًا، فإن برنامج حساب المواطن يمثل الوسيلة الأمثل لتحقيق وصول الدعم لمستحقيه، من خلال منح الأسر أصحاب الدخل المنخفض والمتوسط إعانات نقدية للحد من التأثير المباشر وغير المباشر للإصلاحات الاقتصادية، ولمساعدتهم على التأقلم مع الأوضاع الجديدة. وستكون قيمة البدلات النقدية غير ثابتة، وستجري مراجعتها بشكل دوري لتعكس التغيرات في أسعار الطاقة وأي إصلاحات أخرى قد تزيد العبء على الأسر.
*
وأخيرًا، ولأن برنامج التوازن المالي شامل ومتكامل، وينقب بصورة أو بأخرى على مصادر جديدة لزيادة الإيرادات، وأيضًا تحقيق العدالة الاجتماعية، فإنه أيضًا حريص كل الحرص على ضخ استثمارات ضخمة في القطاع الخاص، باعتباره من أهم روافد التنمية المستدامة في البلاد. وذلك من خلال تأسيس صندوق استثماري من شأنه توفير رأس المال اللازم لجذب استثمارات القطاع الخاص بقيمة 200 مليار ريال خلال الفترة من 2017 إلى 2020، وذلك للمساهمة الفعالة في تعزيز النمو الاقتصادي المتين. وكل هذه الإجراءات المالية الحكيمة هي الضمانة الوحيدة لتحقيق تنمية مستدامة بعيدًا عن تقلبات أسعار سوق النفط والضغوطات السياسية والاقتصادية المصاحبة لذلك، من أجل إيجاد مستقبل زاهر وآمن للوطن والمواطن على حد سواء.
إن المخاوف الطارئة التي راودت الكثيرين أثناء تفحصهم لأرقام ميزانية عام 2017 لا تعكس بالضرورة الحقيقة الكاملة لما تنطوي عليه الميزانية من أسس راسخة للاستقرار والاطمئنان المستقبلي.
وحرصًا على الابتعاد عن العموميات والشعارات الجوفاء، دعونا نحاول استكشاف جانب آخر للميزانية من خلال عدسة برنامج التوازن المالي، الذي أعتبره أحد أهم ركائز برنامج التحول الوطني 2020. فهو يمثل السبيل المنطقي والضروري لتقليص العجز الهائل في ميزانية الدولة، في ظل التذبذب المستمر في أسعار النفط. وعلى الرغم من التفاؤل الحذر بتحسن الأسعار خلال السنوات المقبلة، إلا أنه لا يمكن لأحد أن يجزم بذلك بشكل قاطع. لذا، يهدف برنامج التوازن المالي إلى تحقيق ميزانية متوازنة، ورفع كفاءة الإنفاق الحكومي، وتنمية الإيرادات غير النفطية. ولا أظن أن أي مواطن عاقل يرفض هذه الأهداف النبيلة، أو يتمنى عدم تحقيقها، حتى لا يظل الوطن أسيرًا للإيراد الريعي المتقلب. فوطننا ليس مجرد مشروع استثماري يخضع لقوانين المكسب والخسارة، بل هو كيان عظيم قد يتهدد استقراره وازدهاره في أي لحظة بسبب الاختلالات الاقتصادية!
من هذا المنطلق، يبرز برنامج تحقيق التوازن المالي كركيزة أساسية لتحقيق رؤية 2030 الطموحة، وذلك للمساهمة الفعالة في تنويع الاقتصاد الوطني، وتقليص الاعتماد المفرط على النفط كمصدر رئيسي للدخل، وخفض الإنفاق العام بنسبة كبيرة تصل إلى 40%، وتعزيز الشراكة المثمرة مع القطاع الخاص، وتقليل الاعتماد على إيرادات النفط في ظل التقلبات السعرية العالمية.
وعليه، فإن برنامج التوازن المالي ليس موجهًا ضد مصالح المواطن، بل يسعى جاهدًا لتحسين الآثار الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تطمح رؤية 2030 إلى تحقيقها. كما يهدف إلى تعزيز استدامة الإيرادات الحكومية من خلال تنمية الإيرادات غير النفطية، وتحسين وترشيد الإنفاق الرأسمالي والتشغيلي، والتركيز على المشروعات الإستراتيجية ذات الأولوية القصوى من الناحيتين التنموية والاقتصادية. بالإضافة إلى إلغاء الإعانات غير الموجهة، وتمكين المواطنين من الاستهلاك بمسؤولية، واستدامة النمو الاقتصادي في القطاع الخاص. إنها خطط طموحة تهدف إلى تحصيل إيرادات إضافية بقيمة 152 مليار ريال بحلول عام 2020.
ومن زاوية أخرى، فقد أكدت وثيقة تحقيق التوازن المالي بشكل لافت، وربما ندر وجوده في معظم دول العالم في الوقت الراهن، حيث تعهدت الدولة -أعزها الله- بخمسة مبادئ أساسية ألزمت الحكومة نفسها بها خلال تحقيق برنامج التحول الوطني 2020. فقد أقرت بأنه لن يكون هناك أية إجراءات مالية إضافية تفرضها الحكومة على المواطنين أو القطاع الخاص. كما تعهدت الدولة بأنها لن تفرض ضريبة دخل على المواطنين ولا على المقيمين، ولن تكون هناك ضريبة على دخل الشركات. كما أكدت الوثيقة بأنه لن يكون هناك المزيد من الإعانات التي يتم إلغاؤها، ولن يتم اتخاذ أي قرارات ذات أثر رجعي.
وفي ذات السياق، تبنت الحكومة عدة إجراءات لزيادة الإيرادات من خلال تطبيق ضريبة القيمة المضافة، حيث ستفرض الضريبة بنسبة 5% اعتبارًا من عام 2018. وتطبيق ضريبة المنتجات الضارة بنسبة 50% على المشروبات الغازية، و100% على التبغ ومشتقاته ومشروبات الطاقة خلال الربع الثاني من عام 2017. وهنا، لا تفرض الحكومة الضرائب بهدف زيادة الإيرادات فحسب، بل يصاحب ذلك المحافظة على الصحة العامة للمواطنين. وفي هذا الإطار، تدرس الحكومة التوسع في تطبيق الضريبة لتشمل المشروبات والمأكولات السكرية التي تسهم في ارتفاع معدل انتشار أمراض السمنة والسكري في المملكة. كما أتمنى أن يتم تخصيص جزء من إيرادات القيمة المضافة على برنامج وطني صحي بهدف إنقاص معدلات نسب التدخين وأمراض السكري والسمنة.
ورغم أن الحكومة تتجه نحو إلغاء دعم الطاقة تدريجيًا، فإن برنامج حساب المواطن يمثل الوسيلة الأمثل لتحقيق وصول الدعم لمستحقيه، من خلال منح الأسر أصحاب الدخل المنخفض والمتوسط إعانات نقدية للحد من التأثير المباشر وغير المباشر للإصلاحات الاقتصادية، ولمساعدتهم على التأقلم مع الأوضاع الجديدة. وستكون قيمة البدلات النقدية غير ثابتة، وستجري مراجعتها بشكل دوري لتعكس التغيرات في أسعار الطاقة وأي إصلاحات أخرى قد تزيد العبء على الأسر.
*
وأخيرًا، ولأن برنامج التوازن المالي شامل ومتكامل، وينقب بصورة أو بأخرى على مصادر جديدة لزيادة الإيرادات، وأيضًا تحقيق العدالة الاجتماعية، فإنه أيضًا حريص كل الحرص على ضخ استثمارات ضخمة في القطاع الخاص، باعتباره من أهم روافد التنمية المستدامة في البلاد. وذلك من خلال تأسيس صندوق استثماري من شأنه توفير رأس المال اللازم لجذب استثمارات القطاع الخاص بقيمة 200 مليار ريال خلال الفترة من 2017 إلى 2020، وذلك للمساهمة الفعالة في تعزيز النمو الاقتصادي المتين. وكل هذه الإجراءات المالية الحكيمة هي الضمانة الوحيدة لتحقيق تنمية مستدامة بعيدًا عن تقلبات أسعار سوق النفط والضغوطات السياسية والاقتصادية المصاحبة لذلك، من أجل إيجاد مستقبل زاهر وآمن للوطن والمواطن على حد سواء.